بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين و عجل فرجهم
السؤال : قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم في قصة ذي القرنين : ( حَتّى إذا بَلغَ مَغربَ الشمسِ وَجدَها تَغرُبُ في عَين ٍحَمِئةٍ ) [الكهف :86 ] . ما المراد بالعين الحمئة ؟ وكيف يمكن للشمس وهي بهذه العظمة أن تغرب في عين حمئة ؟ وألا يتنافى هذا المعنى مع كروية الأرض ودورانها حول الشمس والاكتشافات العلمية الحديثة ؟الجواب : وفقاً لآخر الأبحاث التي توصل إليها علماء الاسلام والمفسرون الأجلاء حول قصة ذي القرنين ، يكون معنى الآية المذكورة كالتالي :
كان ذو القرنين يواصل مسيرته نحو المغرب حتى وصل الى ساحل البحر ( وثمة خلاف بين الفسرين حول كون المراد من البحر هو المحيط الأطلسي أو البحر الأبيض المتوسط ؛ أو أن ذا القرنين وصل في تقدمه الى أطراف دولة المغرب أو مدينة أزمير التركية ) . وعلى أية حال ، كان ذو القرنين واقفاً على ساحل البحر لحظة غروب الشمس . وبما أن الواقف على ساحل البحر أثناء غروب الشمس يبدو له أنها تغطس فيه لحظة غروبها نتيجة كروية الأرض ، لذا فان القرآن الكريم بيّن تلك اللحظة وأوضح إحساس ذي القرنين في تلك الآية المباركة .
وعلى هذا الأساس ، تتفق هذه الآية الكريمة مع كروية الأرض تماماً ؛ والمراد بالعين الحمئة هنا هو ذلك البحر الذي غربت الشمس في نهاية أفقه أو خلفه فبدا للناظر (
ذي القرنين) أنها تغرب فيه .
وثمة سؤال آخر يطرح في هذا المجال هو : لماذا عبّر القرآن الكريم عن البحر بالعين ؟ وأجاب المفسرون عن ذلك بما يلي : أحد المعاني السبعة للعين هو الماء الكثير ومصبّ المياه . وبما أن ماء البحار والمحيطات كثيرة ، ومياه الروافد والشواطيء والأنهر تصب في البحار ، ومياه البحار تتصل بالمحيطات ؛ لذا عبّر القرآن الكريم عن البحر بالعين .
وأما الأسباب التي دعت القرآن الى التعبير عن مياه البحار بالحمئة (وهي السوداء والنتنة والمكدرة) فهي كثيرة منها :1- تكون مياه سواحل البحار منتنة وعكرة بسبب مياه الأنهار الممتزجة بالوحل والتي تصبّ في البحار .
2- لما تسقط أشعة الشمس على مياه البحار أثناء غروبها يتغير لون تلك المياه الى الكدورة ، فوصف القرآن الكريم تلك المياه بالكدرة لهذا السبب .3- كلما ازدادت المياه عمقاً بدت سوداء من أثر شدة زرقتها ؛ وبما أن المياه التي كان ذو القرنين ينظر اليها كانت عميقة لذا كانت تبدو له كأنها سوداء وكدرة ، فعبّر عنها القرآن الكريم بالعين الحمئة.
مكتب آية الله العظمة مكارم الشيرازي...
و أُضيف على الإجابة السابقة ما ورد في تفسير الميزان حول تفسير الآية الكريمة السابقة :قوله تعالى: «
حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة و وجد عندها قوما» تدل «
حتى» على فعل مقدر و تقديره «
فسار حتى إذا بلغ» و المراد بمغرب الشمس آخر المعمورة يومئذ من جانب الغرب بدليل قوله: «
و وجد عندها قوما».
و ذكروا أن المراد بالعين الحمئة العين ذات الحمأة و هي الطين الأسود و أن المراد بالعين البحر فربما تطلق عليه، و أن المراد بوجدان الشمس تغرب في عين حمئة موقف على ساحل بحر لا مطمع في وجود بر وراءه فرأى الشمس كأنها تغرب في البحر لمكان انطباق الأفق عليه قيل: و ينطبق هذه العين الحمئة على المحيط الغربي و فيه الجزائر الخالدات التي كانت مبدأ الطول سابقا ثم غرقت.
و قرىء «في عين حامية» أي حارة، و ينطبق على النقاط القريبة من خط الاستواء من المحيط الغربي المجاورة لإفريقية و لعل ذا القرنين في رحلته الغربية بلغ سواحل إفريقية.منقول
نسألكم الدعاء
تحياتي